يرجع أصل إطلاق مسمى حجر الزبرجد “Peridot” إلى كلمة “Peritot” باللغة الفرنسية التي تعني “الذهب” لإن درجات ألوانه مشابهه لدرجات ألوان الذهب. يعد من الأحجار الجميلة والشهيرة التي يتم إهدائها للأخرين خاصة أن حجر الزبرجد يعد مثالا رائعا للإحتفال بالسنة السادسة عشر من الزواج في تقاليد بعض الشعوب بجانب أنه جوهرة شهر أغسطس والتي يتم إهدائها لمواليد هذا الشهر. أما بالنسبة لتاريخ هذا الحجر فهو يحظى بدرجة تقدير عظيمة وبتاريخ طويل ويتميز بسجل تاريخي حافل؛ إذ سجلت البرديات المصرية القديمة طريقة إستخراج هذا الحجر في وقت مبكر من عام 1500 قبل الميلاد. حيث كانت مصر المركز والمصدر الأساسي لأحجار الزبرجد في العالم القديم حيث كان يتم إستخراجها من جزيرة “Topazo” (والتي تسمى الآن بجزيرة الزبرجد أو جزيرة سانت جون) في البحر الأحمر في مصر. وقد تم استخدام أحجار الزبرجد في العصور القديمة في التعويذات المنحوتة إذ اضطر سكان تلك الجزيرة إلى جمع الأحجار الكريمة من أجل خزانة الفرعون. وتقول الأسطورة أن المراقبين الغيورين الذين يأمرون بوضع حد الموت على المعتدين قاموا بحراسة الجزيرة بأكملها. وتستمر القصة بقول أن العمال كانوا يعملون بالنهار والليل لإنه لا يمكن العثور على أحجار الزبرجد إلا بعد حلول الظلام نظراً لإشعاع الحجر. وكان عمال المناجم يقومون بتمييز الاماكن التي توجد بها أحجار الزبرجد ويعودوا لها في اليوم التالي لاستخراجها.

في القرن التاسع عشر، أنتجت الجزيرة العديد من أحجار الزبرجد بما يعادل الملايين من الدولارات. وبعد عام 1905، بلغ إنتاج أحجار الزبرجد الكريمة ذروته ولكنه انخفض للحضيض في أواخر عام 1930. وظل الوضع كما هو  حتى عام 1958 عندما تم تأميم المناجم. وعلى الرغم من أنه مازالت بعض قطع الزبرجد التي تأتي من تلك الجزيرة توجد أحياناً في الأسواق إلا أنها غير معروفة هل هي قطع جديدة أم قديمة، ويفترض المعظم أنها قديمة.


مصر والزبرجد

يعد حجر الزبرجد الجوهرة الوطنية لمصر، وعرفه المصريون القدماء بأنه “حجر الشمس”. وترجع عملية إستخراج هذا الحجر لأكثر من 3500 عام في جزيرة سانت جونز “St Johns Island”. وفي أواخر القرن التاسع عشر؛ احتكر خديوي مصر المناجم وأصبحت الجزيرة تشكل لغزاً لعدة قرون حتى تم اكتشافها في عام 1905. وكان حجر الزبرجد معروفاً باسم الزّبرجد الزّيتونيّ في العصور القديمة، مع إن هذا الاسم تم استخدامه في أوقات لم تكن القدرة على تحديد الأحجار بدقة موجودة ومتاحة مثل الآن. بالإضافة إلى ذلك، كان الاسم ذاته يُطلق على بعض ألوان حجر التوباز حتى بدأنا التعرف على الاختلافات القائمة بين هذه الأحجار الكريمة.

أماكن تواجده

أحجار الزبرجد الكريمة على درجة من الندرة، تم إستخراجها قديماً بشكل رئيسي في مصر من جزيرة سانت جونز التي تعرف بإسم جزيرة الزبرجد، بينما حالياً المصادر الرئيسية لإستخراج الزبرجد هي باكستان وبورما وأفغانستان والصين وفيتنام وأثيوبيا والولايات المتحدة الأمريكية(ولاية أريزونا بالأخص). ولاية هاواي تقوم دورياً بإنتاج كميات كبيرة من الزبرجد كافية ليتم قطعها كأحجار كريمة، لكن أغلب “زبرجد هاواي” لم يتم توثيقه.

تكوين حجر الزبرجد

صيغة حجر الزبرجد الكيميائية هي  (Mg,Fe)2SiO4 ، يتميز الزبرجد بصلادة تتراوح بين 6.5 إلى 7 على مقياس موس وبدرجات ألوان بين الأخضر المائل إلي الزيتوني والأصفر. يرجع إكتسابه لذلك اللون نتيجة لتواجد شوائب من عنصر الحديد في تكوينه ويعد من الأحجار الشفافة.

الزبرجد هو نوع من معدن الأوليفين ويمكن صناعته مخبرياً بطرق غير مكلفة نسبياً، وبالنسبة لمراحل تكوينه الجيولوجية في الطبيعة؛ فهو يتشكل في طبقات عميقة أسفل سطح الأرض ومن ثم يتم نقله إلى السطح بواسطة الماجما. وهو واحد من حجرين فقط يتم تشكيلهم ليس في القشرة الأرضية ولكن في الصخور المنصهرة من الغلاف العلوي، والحجر الآخر هو حجر الألماس. وترتفع هذ الأحجار إلى سطح الأرض من خلال قوة الزلازل والبراكين الهائلة. وفي حين أن أحجار الزبرجد تلك تم تكوينها في الأرض إلا أنه توجد بلورات أخرى من الزبرجد لها أصول من خارج الأرض من الأحجار النيزكية ويتم العثور عليها في نيازك البلاسيت “pallasite” النادرة (ويعرف 61 فقط من هذه البلورات حتى الآن) تشكلت قبل نحو 4.5 بليون سنة. وتم العثور أيضاً على حجر الزبرجد في شكله الأساسي الزبرجد الزيتوني “Olivine” في غبار المذنب الذي تمت إعادته من المسبار الفضائي الروبوتي ستارداست “Stardust” في عام 2006 وقد تم أيضاً اكتشافه على سطح القمر وتم الكشف عنه أداة على المريخ من قِبل مساح وكالة ناسا الفضائية. واعتقد القدماء أن أحجار الزبرجد تم قذفها إلى الأرض من خلال انفجار الشمس، وأنها أحجار تحمل قوة علاجية.

معتقدات وأساطير

بالنسبة للمعتقدات التي كانت تدور حول هذا الحجر لدى البعض في الشعوب القديمة فتشمل، قوته الوقائية على إبعاد قوى الظلام، حيث كان يستخدم كتعويذة ضد الشعوذة والسحر والأرواح الشريرة بالإضافة لإستخدامه في علاج الذعر الليلي والجنون عند وضعه مع الذهب وارتدائه حول العنق أو في الذراع الأيسر. وهو قد عرف أيضاً بقدرته على علاج  الشعور بالجبن، وتهدئه حالات الغضب التي تصيب الإنسان. ولا يُزال يُحتفل بالزبرجد لتلك الفضائل العديدة التي يتسم بها حيث يعتقد البعض في قدرته على حماية الهالة وأن يقي الإنسان بدنيًا ويخفف حدة الأعباء العاطفية والشعور بالذنب والهواجس. بالإضافة إلى ذلك، فهو مفيد بشكل خاص للتغلب على الشعور بالخوف والاكتئاب والاضطرابات النفسية الأخرى، ويعمل على التخلص من الشعور بالغيرة والاستياء من أجل المضي قدمًا في الحياة.

أما عن حجر الزبرجد، ذا الدرجات الزيتونية، فهو يعد واحداً من عدد قليل من الأحجار الكريمة التي تنحصر في لون واحد فقط. يتميز بأوجهه الجميلة التي تشابه مظهر تحول أوراق النباتات من اللون الأخضر إلى اللون الذهبي أثناء أواخر فصل الصيف وبداية حلول فصل الخريف حيث تتجلى الأوراق في الفروع مثل المجوهرات في ضوء الشمس. كما أنه يتم إعتباره بلورة تمثل الدفئ والسعادة ويعتقد في قدرته على تحفيز العقل وتجديد طاقة الجسد من خلال نشر الإشراق الداخلي وشحذ العقل وإنفتاحه إلى مستويات جديدة من الوعي والنمو، مما يساعد الشخص على إدراك الأمور بشكل جيد. وهكذا نتيجة لتلك المعتقدات التي كانت تسود حول حجر الزبرجد والتي لا يزال بعضها يتردد صداه حتى الأن، فقد تم تقدير قيمة ذلك الحجر على نحو كبير.

يشابه حجر الزمرد من حيث اللون والمظهر حجر التورمالين، الديمانتويد، الجمشت الأخضر بالإضافة إلي الزمرد الذي غالباً ما يتجلى بدرجة داكنه أكثر من اللون الأخضر.